×

هندسة الحروب بين الشعوب!

هندسة الحروب بين الشعوب!

فكرة الوقيعة بين الشعوب وتحريكها ضد بعضها البعض، هي واحدة من أساليب الحروب «القذرة» التي توجهها أجهزة المخابرات المعادية ضد الدول والشعوب، وازدادت ضراوة بعد انفجار وسائل التواصل الاجتماعي وسهولة استخدامها للوصول إلى مناطق لم تستطع الدول المعادية عبورها إلا عبر الجواسيس والمندسين والمتآمرين.

إنه الجيل الخامس من الحروب الذي تستطيع الدول والعصابات والتنظيمات العابرة من خلاله شنها ضد خصومها بواسطة جهاز حاسوب ومئة دولار لكل مرتزق بغية السيطرة أو التشويه أو التلاعب، صحيح أن الدعايات والاغتيال المعنوي كان وما زال مفضلاً في الحروب، إلا أن تهشيم البنى الاجتماعية وتمزيق النسيج الموحد هو الأخطر حالياً.

تُعرف حروب الجيل الخامس علمياً: «على أنها حرب يتم إجراؤها بشكل أساسي من خلال عمل عسكري غير حركي، من خلال الهندسة الاجتماعية، ونشر المعلومات المضلّلة، ويشار إليها على أنّها حرب تضليل المعلومات واختطاف الإدراك. وتهدف الدول أو العصابات أو التنظيمات التي تستخدم هذا النوع من الحروب إلى استنزاف خصومها نفسياً ومعنوياً، وتشويههم في محيطهم، لتحقيق الاحتراب الداخلي عبر اللوم ودفع المكونات الاجتماعية للتفكك والاصطدام مع الدولة أو مع بعضها البعض أو مع الشعوب الأخرى، ويُستخدم فيها التلاعب الوجداني، واستغلال الحمية الوطنية في غير موقعها، بهدف الوقيعة بين المكونات، وتوظيف القضايا الخلافية الداخلية أو الخارجية لصالح الانقسام، وتحريك الناس لخدمة أهداف الدول المعتدية دون وعي منهم، وقد يتم اللجوء فيها إلى أدوات أخرى كإغراق البلد بالمخدرات والمشاكل الاجتماعية والقومية ما يساهم في ضعف الجهة المستهدفة».

لقد فهم الأعداء أن الوحدة الوطنية لأي دولة هي الحائط الصلب، ولذلك فإنهم يعملون جاهدين على اختراق تلك الوحدة وتمزيقها، فلولا الالتفاف حول الوطن وقيادته وقضاياه المصيرية لسقطت كثير من الدول من أول هزة.

لطالما كان الاتحاد الأوروبي والنتائج الاقتصادية والثقافية والأمنية الكبرى المتحققة لدوله وشعوبه مثار إعجاب العرب، إعجاب لا يتعدى الورق، أو الحوارات على الشاشات، وإذا أراد مُنظر عربي في أحد البرامج التلفزيونية أن يتحدث عن الوحدة العربية سيقوم بلوم الحكومات والشعوب بأنهم لم يتمكنوا من العمل كما الاتحاد الأوروبي.

لقد سهلت وسائل التواصل الاجتماعي الاشتباكات عبر الشاشات.. اشتباكات غير حقيقية تخوضها باسمك ودون علمك «عصابات عابرة» مكلفة بتحويل المناخ السائد إلى خصومات متتالية، للقفز على العقد الحصرية والتي لا تعبر إلا عن دور صغير أحياناً، أو للقفز على مسلمات التراث والجغرافيا، أو لتحقيق انتصارات شخصية أحياناً أخرى.

بلا شك أن حروب «المنصات» الاجتماعية أزاحت الحدود، ودفعت الغوغاء لتسيّد الساحة، وبدلاً من تهذيب دورهم، تقدم العقلاء تلك الاشتباكات.

لقد أصبح العدو -أياً كان منظمة، دولة، فرداً- قادراً من خلال جهاز كمبيوتر على مخاطبة مواطن في بلد آخر دون أي عائق، وإذا استطاع السيطرة على العقل الجمعي، وسحب الشارع إلى ضفته، وبناء تفكير موحد في قضية ما، فسيصبح من السهل عليه تحريك الجماهير باتجاه مصالحه، وهنا مكمن الخطر، حروب تحاول خلق صراعات غير مباشرة، بهدف إشعال الفتن والانقسامات، تستخدم فيها الأساليب النفسية، والدينية والاقتصادية، والفنية، والرياضية، لتحقيق الفوضى والوصول إلى أهداف سياسية ضيقة.

​فكرة الوقيعة بين الشعوب وتحريكها ضد بعضها البعض، هي واحدة من أساليب الحروب «القذرة» التي توجهها أجهزة المخابرات  Read More

إرسال التعليق