سوريا.. إلى أين ؟!
إنَّ حديث الساعة في المنطقة العربية الآن هو عن سوريا، والوضع السياسي الذي ستستقر عليه، بعد طرد الديكتاتور المجرم بشار الأسد، وإنهاء حكم آل الأسد الدموي، الذي جثم على صدور السوريين. ولعل من الأنسب مناقشة هذا الموضوع بموجب المحاور التالية. وسنحاول إلقاء بعض الضوء على كل من هذه المواضيع، المتفرعة عن موضوع: الوضع السياسي في سوريا، بما يقتضيه المقال الصحفي.
– ما حدث بالفعل في سوريا، بدءا من 8 ديسمبر 2024م.
– ما حصل في سوريا بالنسبة للعرب، وفي مقدمتهم المملكة.
– ما حصل بالنسبة للقوى الإقليمية، والعالمية المعنية.
– أهم الجماعات والميليشيات السورية.
– كيف تتم الوحدة السورية.
– كيف سيعمل نظام سياسي جديد.
– الفترة الانتقالية.
– سوريا.. رؤية مستقبلية.
****
تعتبر الدولة العربية الشقيقة سوريا، إلى جانب العراق، أقدم أماكن الحضارة البشرية. وتعتبر عاصمتها دمشق أقدم مدينة في العالم. وتعرف أيضا بـ«الشام». وقد عرب معظمها في القرن الحادي عشر الميلادي، وخلال العصور الوسطى، بعد فتحها سنة 636هـ، أصبحت حاضرة الدولة الأموية، ثاني أكبر دولة في التاريخ، من حيث المساحة. استمر حكم الأمويين 132 عاماً. ثم جاء الحكم العثماني ليشمل سوريا، ويستمر لحوالى أربعة قرون (1516-1918م). وكان بها حكومة ديمقراطية، إلى أن استولى حزب البعث الاشتراكي العربي على السلطة، عام 1963م، وأسس نظام الحزب الواحد. كان النظام اشتراكياً، لكن تم التخلي التدريجي عن الاشتراكية ابتداء من عام 2000م. واندلعت، عام 2011م، الثورة الشعبية السورية، أساس اضطراب سوريا الراهن. وقابلها نظام الأسد البائد بالقمع والتنكيل. الأمر الذي أدى إلى دمار هائل، وكارثة إنسانية مدمرة. مساحتها 118,180 كم2، وعدد سكانها 23 مليون نسمة، معظمهم مسلمون سنّة. وهناك العديد من فئات الشعب المختلفة.
أما عن الطرفين المتحاربين، فإن جانب النظام كان معه: الجيش السوري النظامي، قوة الدفاع الوطني، الشبيحة، حزب الله، إيران، روسيا، ميليشيات شيعية غير سورية. أما القوى المقاومة، فأهم أعضائها: الائتلاف الوطني السوري، الجيش السوري الحر، جبهة النصرة، تنظيم القاعدة، مجلس سوريا الديمقراطية، قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وغيرها.
****
قامت المملكة العربية السورية عام 1920م. ثم قامت ثورة، أعلن عقبها قيام الجمهورية، وانتخب محمد العايد كأول رئيس لها، بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية. ثم نالت استقلالها الكامل سنة 1946م. بعد ذلك، شهدت سوريا انقلابات عسكرية عدة، بدءاً من انقلاب حسني الزعيم، ثم انقلاب سامي الحناوي، وانقلاب أديب الشيشكلي. اتحدت مع مصر (1958-1961م). ثم جاء نظام ناظم المقدسي. وفي عام 1970م، قام انقلاب أوصل وزير الدفاع حافظ الأسد إلى السلطة. ومن هنا، بدأت المأساة السورية.
ثم اندلعت حرب 1967م، وحرب 1973م، كما هو معروف. وعام 1973م أيضاً، أقر دستور جديد، كرس نظام الحزب الواحد، واعتبار حزب البعث العربي الاشتراكي «قائداً للأمة». مات حافظ الأسد، عام 2000م، وتولى ابنه بشار الأسد، السلطة، خلفاً لوالده، بعد تعديل سينمائي في الدستور، تناول سن بشار. ولم يزح الأخير عن السلطة إلا يوم 8 ديسمبر 2024م. وصدر عام 2012م، دستور جديد، بعد ثورة شعبية عارمة، نجحت في ديسمبر 2024م، في طرد بشار الأسد، وهروبه إلى روسيا، وتولى محمد الجولاني السلطة مؤقتاً، والفترة انتقالية، تم تحديدها بثلاثة أشهر، سيتم خلالها مراجعة آخر دستور (2012م)، وتعديله. وسنلقي بعض الضوء على الفترة الانتقالية، وما سيتمخض عنها من قرارات مصيرية، بالنسبة لسوريا، ومن حولها. علما بأن هذه الفترة قصيرة جدّاً، ويستحسن أن تمتد لسنتين، على الأقل.
صدر الدستور، المعمول به، حتى الآن، يوم 27/2/2012م، ليقيم نظاماً رئاسياً، ديمقراطي المظهر، وديكتاتوري المخبر. إذ يتمتع رئيس الجمهورية بصلاحيات واسعة، عبر مجلس وزراء يعينه هو. أما السلطة التشريعية، فهي، شكليّاً، في يد مجلس الشعب، المكون من 250 عضواً منتخباً لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد. وتتولى المحكمة الدستورية العليا السلطة القضائية في البلاد. ونكمل هذا الحديث في الأسبوع القادم.
إنَّ حديث الساعة في المنطقة العربية الآن هو عن سوريا، والوضع السياسي الذي ستستقر عليه، بعد طرد الديكتاتور المجرم Read More
إرسال التعليق